مقالة
علم التوحيد
تحت الموضوع :
"صفات الله، الحكم وأقسامه، و بيان الدور والتسلسل وبطلانهما "
تحت
الإشراف :
الدكتور
وللي أكتافيانو
المجموعة
الثالثية :
رزقية
الإمتياز :11140600000059
دكي
جوليان نوكراها : 11140600000070
فراز
محمد :11140600000026
كلية
الدراسة الاسلامية والعربية
جامعة
شريف هداية الله الاسلامية الحكومية جاكرتا
2015 /2016 م
صفات الله
تعالي
قبل ان نتحدث عن صفات الله تعالي،
ينبغي علينا ان نعرف مفهوم الصفة عند العلماء اللغوين. وقدموا لنا عدة التعاريف :
يقال بعضهم ان الصفة هي الشيء الذي يوجد
بالموصوف أو يكون له ويكسبه الوصف الذي هو النعت الذي يصدر عن الصفة. يري البعض
الاخر ان الصفة هي الاسم الدال علي بعض أحوال الذات، وهي الأمارة اللازمة بذات
الموصوف الذي يعرف بها، وهي ما وقع الوصف مشتقا منها، وهو دال عليها، وكذالك مثل
العلم والقدرة ونحوه. وقال ابن فارس من اللغويين إن الصفة هي الإمارة اللازمة
للشيء، وقال : النعت : وصفك الشيء بما فيه من حسن.
من هنا يري ابن
تيمية أن الصفة والوصف والنعت بمعني واحد، ويقول : الصفة
والوصف تارة يراد به الكلام الذي يوصف به الموصوف كقول الصحابي في (قُلْ هُوَ
اللهُ أَحَدٌ) : أحبها لأنها صفة الرحمن، وتارة يراد به املعاني التي دلَّ عليها
الكلام: كالعلم والقدرة، والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذه وتقول إنما الصفات
مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد
يفرقون بين الصفة والوصف فيجعلون الوصف هو القول والصفة المعنى القائم بالموصوف،
وأما جماهير الناس فيعلمون أن كل واحدٍ من لفظ الصفة والوصف مصدر في الأصل كالوعد
والعِدة، والوزن والزِّنة، وأنه يراد به تارة هذا وتارة هذا.[1]
قد ذهب السلف
الي تقسيم الصفات الى قسمين لا ثلاثة لهما[2]
:
أ.
صفات ذات : لا تنفك عن الذات، بل هي لازمة لها أزلا وأبدا، ولا تتعلق
بها مشيئته تعالي وقدرته، وذالك كصفات الحياة والعلم، والقدرة، والقوة، والعزة،
والملك، والعظمة، والكبريات، والمجد، والجلال....الخ.
ب. صفات فعلية : ففتتعلق بها
مشيئته وقدرته كل وقت ، وتحدث بمشيئته وقدرته ... كالاستواء علي العرش، والمجيئ،
والاتيان والنزول الي السماء الدنيا، والضحك، والرضا، والغضب.
لكن
من ناحية إثبات الصفات ونفيها، فتنقسم صفات الله عند السلف الي ثلاثة أقسام :
أ.
الصفات الذاتية (معنوية) : هي الملازمة لذات الله، والتي لم يزل ولا يزال
متصفا بها ، مثل السمع والبصر وهي معنوية، لأن هذه الصفات معانٍ.
ب. الصفات الفعلية : هي التي
تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها، وإن لم يشأ لم يفعلها، مثل النزول الى السماء الدنيا،
والاستواء على العرش، والكلام من حيث آحاده، والخلق من حيث آحاده، وكذالك كالمجيء
، والغضب، والفرح، والضحك ... ونحو ذلك، وتسمى (الصفات الاختيارية)[3]
. لا من حيث الأصل، فأصل الكلام صفة ذاتية، وكذالك الخلق.
وأفعاله
سبحانه وتعالى نوعان[4]:
1-
لازمة: كالاستواء، والنُّزُول، والإتيان ... ونحو ذلك.
2- متعدية: كالخلق، والإعطاء ... ونحو ذلك.
وأفعاله سبحانه
وتعالى لا منتهى لها، {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء} ، وبالتالي صفات الله
الفعليَّة لا حصر لها.
والصفات الفعليَّة من
حيث قيامها بالذات تسمى صفات ذات، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال
والأفعال تسمى صفات أفعال، ومن أمثلة ذلك صفة الكلام؛ فكلام الله عَزَّ وجَلَّ
باعتبار أصله ونوعه صفة ذات، وباعتبار آحاد الكلام وأفراده صفة فعل.
ج. والصفات الخبرية :
هي صفات خبرية ثبت بها الخبر من الكتاب والسنة، وهي ليست معنى ولا فعلا، مثل :
الوجه، والعين، والساق، واليد.
تقسمات الصفات من حيث
الاستدلال عليها .
إن المتكلمين الذين أثبتوا الصفات لله
تعالي مثل الأشعرة، قد درحوا علي تقسيم صفات الله تعالي الي أربعة أقسام : الصفات
النفسية ، السلبية ، المعاني ، المعنوية.
أ.
الصفات النفسية هي التي تدل على الذات دون معني زائد عليها،
والمعنوية ما تدل علي معنى زائد على الذات. وعرفت أيضا أنها الحال الواجبة للذات،
مادامت الذات غير معللة بعلة، وهي الوجود.
ب. الصفات السلبية عرفها
بأنها التي سلبت أمراً لا يليق بالله سبحانه وتعالي، وهي عندهم خمس صفات: القدام،
والبقاء، ومخالفته تعالي للحوادث، وقيامه بنفسه، والوحدانية.
ج.
الصفات المعاني : وقد عرفت بأنها كل صفة قائمة بموصوف زائدة على
الذات، موجبة له حكما، وهي سبع: القدرة، والادارة، والعلم، والحياة، والسمع،
والبصر، والكلام. وإنما سميت بذالك لأن كل صفة منها تدل علي معني زائد على ذاته
تعالي. وهي ما يسمونه أيضاً بالصفات الوجودية.
د.
الصفات المعنوية : وهي ملازمة للسبع الأولى، وقد عرفت بأنها الحال
الواجبة للذات، ما دامت المعاني قائمة بالذات. وعللوا تسمية هذه الصفات بهذا الاسم
بأن الاتصاف بها فرع عن الاتصاف بالسبع الأولى، فإن اتصاف محل من المحال بكونه
عالماً، أو قادراً مثلاً، يصح إلا إذا قام به العلم، أو القدرة، وقس على هذا.
فصارت السبع الأولى
وهي صفات المعاني عللاً لهذه أي ملزومة لها، فلهذا نسبت هذه إلي تلك، فقيل فيها:
صفات معنوية وهذه الصفات المعنوية هي كونه تعالى قدراً، وعالماً، وحياً، وسميعاً،
وبصيراً، وتكلماً.
تعني صفات المعاني
عند الأشاعرة أنها زائدة على الذات وقد استدلوا على ذالك بأمور ثلاثة:
أ-
قياس الغائب على الشاهد، العالم فى الشاهد من قام به العلم، ولا
يختلف الأمر غائباً وشاهداً، لأن العلة واحدة، والشرط واحد فعلة كون الشخص عالماً
هو العلم، وكذالك الأمر في الغائب.
ب-
إن هذه الصفات لو لم تكن زائدة علي الذات لكان مفهوم كونه حياً،
قادراً، نفس ذاته، ولم يكن لحملها علي ذاته فائدة، وكان قولنا على طريقة الأخبار:
الله الواجب، أو العالم أو القادر، بمثابة حمل الشيء على نفسه، واللازم باطل.
ت-
لو كانت هذه الصفات نفس ذاته لكان المفهوم منها كاها أمراً واحداً،
وذالك ضروري البطلان.
ولهذه الصفات عند
الأشاعرة أحكام أربعة :
أ.
إن هذه الصفات ليست هي الذات، با زائدة عليها.
ب. إنها كلها قائمة بذاته
سبحانه، ولا يجوز أن يقوم شيء منها بغير ذاته، سواء كان كان فى محل، أو لم يكن فى
محل.
ج.
إن هذه الصفات كلها قديمة، فإنها إن كانت حادثة كان القديم سبحانه
محلاً للحوادث، وهو محال.
د.
إن الأسامي المشتقة لله سبحانه من هذه الصفات صادقة عليه أزلاً
وأبداً.
وفى هذا الكتاب نسير
كما ساره المتكلمون فى تقسيم صفات الله تعالى إلى الصفات النفسية، والسلبية، وصفات
المعاني. وأما صفات المعنية، فلم نتحدث عنها لأنها مرتبطة بصفات المعاني السبع وهي
كونه تعالي قادراً ومريداً وإلى أخيرتها.
ثمرات الإيمان
بصفات الله عَزَّ وجَلَّ
يرى بعض العلماء أن العلم بصفات الله عَزَّ
وجَلَّ، والإيمان بها، على ما يليق به سبحانه، وتدبرها: يورث ثمرات عظيمة وفوائد
جليلة، تجعل صاحبها يذوق حلاوة الإيمان، وقد حُرِمها قوم كثيرون من المعطِّلة
والمؤوِّلة والمشبهة، وإليك بعضاً منها:
1- فمن ثمرات
الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ: أن العبد يسعى إلى الاتصاف والتحلِّي بها على ما
يليق به؛ لأنه من المعلوم عند أرباب العقول أن المحب يحب أن يتصف بصفات محبوبه؛
كما أن المحبوب يحب أن يتحلَّى مُحِبُّهُ بصفاته؛ فهذا يدعو العبد المحب لأن يتصف
بصفات محبوبه ومعبوده كلٌّ على ما يليق به، فالله كريم يحب الكرماء، رحيم يحب
الرحماء، رفيق يحب الرفق، فإذا علم العبد ذلك؛ سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة
والرفق، وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله تعالى أن يتحلَّى بها العبد على ما
يليق بذات العبد.
2- ومنها: أن
العبد إذا آمن بصفة (الحب والمحبة) لله تعالى وأنه سبحانه (رحيم ودود) استأنس لهذا
الرب، وتقرَّب إليه بما يزيد حبه ووده له، ((ولا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل
حتى أحبه)) وسعى إلى أن يكون ممن يقول الله فيهم: ((يا جبريل إني أُحبُّ فلاناً
فأحبَّه، فيُحبُّه جبريل، ثم ينادي في السماء: إن الله يحبُّ فلاناً فأحبوه،
فيُحبُّه أهلُ السماء ثم يوضع له القبول في الأرض)) ومن آثار الإيمان بهذه الصفة
العظيمة أن من أراد أن يكون محبوباً عند الله اتبع نبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ} وحبُّ الله
للعبد مرتبطٌ بحبِ العبدِ لله، وإذا غُرِست شجرةُ المحبة في القلب، وسُقيت بماء
الإخلاص، ومتابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم، أثمرت أنواعَ الثمار، وآتت أُكُلَها
كلَّ حينٍ بإذن ربها. ...
3- ومنها: أنه
إذا آمن العبد بصفات (العلم، والإحاطة، والمعية) ؛ أورثه ذلك الخوف من الله عَزَّ
وجَلَّ المطَّلع عليه الرقيب الشهيد، فإذا آمن بصفة (السمع) ؛ علم أن الله يسمعه؛
فلا يقول إلا خيراً، فإذا آمن بصفات (البصر، والرؤية، والنظر، والعين) ؛ علم أن
الله يراه؛ فلا يفعل إلا خيراً؛ فما بالك بعبد يعلم أن الله يسمعه، ويراه، ويعلم
ما هو قائله وعامله، أليس حريٌّ بهذا العبد أن لا يجده الله حيث نهاه، ولا يفتقده
حيث أمره؟! فإذا علم هذا العبد وآمن أن الله (يحبُّ، ويرضى) ؛ عمل ما يحبُّه
معبوده ومحبوبه وما يرضيه، فإذا آمن أن من صفاته (الغضب، والكره، والسخط، والمقت،
والأسف، واللعن) ؛ عمل بما لا يُغْضب مولاه ولا يكرهه حتى لا يسخط عليه ويمقته ثم
يلعنه ويطرده من رحمته، فإذا آمن بصفات (الفرح، والبشبشة، والضحك) ؛ أنس لهذا الرب
الذي يفرح لعباده ويتبشبش لهم ويضحك لهم؛ ما عدمنا خيراً من ربًّ يضحك.
4- ومنها: أنه
إذا علم العبد وآمن بصفات الله من (الرحمة، والرأفة، والتَّوْب، واللطف، والعفو،
والمغفرة، والستر، وإجابة الدعاء) ؛ فإنه كلما وقع في ذنب؛ دعا الله أن يرحمه
ويغفر له ويتوب عليه، وطمع فيما عند الله من سترٍ ولطفٍ بعباده المؤمنين، فأكسبه
هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب، ولا يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً، كيف ييأس من
يؤمن بصفات (الصبر، والحلم) ؟! كيف ييأس من رحمة الله من علم أن الله يتصف بصفة
(الكرم، والجود، والعطاء) ؟!.
5-ومنها: أن
العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفات (القهر، والغلبة، والسلطان، والقدرة،
والهيمنة، والجبروت) ؛ يعلم أن الله لا يعجزه شيء؛ فهو قادر على أن يخسف به الأرض،
وأن يعذبه في الدنيا قبل الآخرة؛ فهو القاهر فوق عباده، وهو الغالب من غالبه، وهو
المهيمن على عباده، ذو الملكوت والجبروت والسلطان القديم؛ فسبحان ربي العظيم.
6-ومن ثمرات
الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ أن يظل العبد دائم السؤال لربه، فإن أذنب؛ سأله
بصفات (الرحمة، والتَّوب، والعفو، والمغفرة) أن يرحمه ويتوب عليه ويعفو عنه ويغفر
له، وإن خشي على نفسه من عدو متجهم جبار؛ سأل الله بصفات (القوة، والغلبة،
والسلطان، والقهر، والجبروت) ؛ رافعاً يديه إلى السماء، قائلاً: يا رب! يا ذا
القوة والسلطان والقهر والجبروت! اكفنيه. فإن آمن أن الله (كفيل، حفيظ، حسيب،
وكيل) ؛ قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، وتوكل على (الواحد، الأحد، الصمد) ، وعلم أن
الله ذو (العزة، والشدة، والمحال، والقوة، والمنعة) مانعه من أعدائه، ولن يصلوا
إليه بإذنه تعالى، فإذا أصيب بفقر؛ دعا الله بصفات (الغنى، والكرم، والجود،
والعطاء) ، فإذا أصيب بمرض؛ دعاه لأنه هو (الطبيب، الشافي، الكافي) ، فإن مُنع
الذُرِّيَّة؛ سأل الله أن يرزقه ويهبه الذرية الصالحة؛ لأنه هو (الرَّزَّاق،
الوهَّاب) ... وهكذا فإنَّ من ثمرات العلم بصفات الله والإيمان بها دعاءه بها.
7-ومنها: أن
العبد إذا تدبر صفات الله من (العظمة، والجلال، والقوة، والجبروت، والهيمنة) ؛
استصغر نفسه، وعلم حقارتها، وإذا علم أن الله مختص بصفة (الكبرياء) ؛ لم يتكبَّر
على أحد، ولم ينازع الله فيما خصَّ نفسه من الصفات، وإذا علم أن الله متصف بصفة
(الغنى، والملك، والعطاء) ؛ استشعر افتقاره إلى مولاه الغني، مالك الملك، الذي
يعطي من يشاء ويمنع من يشاء.
8-ومنها: أنه
إذا علم أن الله يتصف بصفة (القوة، والعزة، والغلبة) ، وآمن بها؛ علم أنه إنما
يكتسب قوته من قوة الله، وعزته من عزة الله؛ فلا يذل ولا يخنع لكافر، وعلم أنه إن كان
مع الله؛ كان الله معه، ولا غالب لأمره
9-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله: أن لا ينازع
العبدُ اللهَ في صفة (الحكم، والألوهية، والتشريع، والتحليل، والتحريم) ؛ فلا يحكم
إلا بما أنزل الله، ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله. فلا يحرِّم ما أحلَّ الله،
ولا يحل ما حرَّم الله.
10-ومنها: أن
صفات (الكيد، والمكر، والاستهزاء، والخداع) إذا آمن بها العبد على ما يليق بذات
الله وجلاله وعظمته؛ علم أن لا أحد يستطيع أن يكيد لله أو يمكر به، وهو خير
الماكرين سبحانه، كما أنه لا أحد من خلقه قادر على أن يستهزئ به أو يخدعه، لأن
الله سيستهزئ به ويخادعه ومن أثر استهزاء الله بالعبد أن يغضب عليه ويمقته ويعذبه،
فكان الإيمان بهذه الصفات وقاية للعبد من الوقوع في مقت الله وغضبه.
11- ومنها: أن
العبد يحرص على ألاَّ ينسى ربه ويترك ذكره، فإن الله متصف بصفة (النسيان، والترك)
؛ فالله قادرٌ على أن ينساه - أي: يتركه، {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} ، فتجده
دائم التذكر لأوامره ونواهيه.
12- ومنها أن
العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفة (السلام، والمؤمن، والصِّدق) ؛ فإنه يشعر
بالطمأنينة والهدوء النفسي؛ فالله هو السلام، ويحب السلام، فينشر السلام بين
المؤمنين، وهو المؤمن الذي أمِنَ الخلقُ من ظلمه، وإذا اعتقد العبد أن الله متصف
بصفة (الصَّدق) ، وأنه وعده إن هو عمل صالحاً جنات تجري من تحتها الأنهار؛ علم أن
الله صادق في وعده، لن يخلفه، فيدفعه هذا لمزيدٍ من الطاعة، طاعة عبدٍ عاملٍ يثقُ
في سيِّده وأجيرٍ في مستأجره أنَّه موفيه حقَّه وزيادة.
13- ومنها: أن
صفات الله الخبرية كـ (الوجه، واليدين، والأصابع، والأنامل، والقدمين، والساق،
وغيرها) تكون كالاختبار الصعب للعباد، فمن آمن بها وصدق بها على وجه يليق بذات
الله عَزَّ وجَلَّ بلا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف، وقال: كلُّ من عند ربنا، ولا
فرق بين إثبات صفة العلم والحياة والقدرة وبين هذه الصفات، مَن هذا إيمانه
ومعتقده؛ فقد فاز فوزاً عظيماً، ومن قدَّم عقله السقيم على النقل الصحيح، وأوَّل
هذه الصفات، وجعلها من المجاز، وحرَّف فيها، وعطَّلها؛ فقد خسر خسراناً مبيناً، إذ
فرَّق بين صفة وصفة، وكذَّب الله فيما وصف به نفسه، وكذَّب رسوله صلى الله عليه
وسلم، فلو لم يكن من ثمرة الإيمان بهذه الصفات إلا أن تُدخل صاحبها في زمرة
المؤمنين الموحِّدين؛ لكفى بها ثمرة، ولو لم يكن من ثمراتها إلا أنها تميِّز
المؤمن الحق الموحِّد المصدِّق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبين ذاك الذي
تجرَّأ عليهما، وحرَّف نصوصهما، واستدرك عليهما؛لكفى، فكيف إذا علمت أن هناك
ثمراتٍ أخرى عظيمةً للإيمان بهذه الصفات الخبرية؛ منها أنك إذا آمنت أن لله وجهاً
يليق بجلاله وعظمته، وأن النظر إليه من أعظم ما ينعم الله على عبده يوم القيامة،
وقد وعد به عباده الصالحين؛ سألت الله النظر إلى وجهه الكريم، فأعطاكه، وأنك إذا
آمنت أن لله يداً ملأى لا يغيضها نفقة، وأن الخير بين يديه سبحانه؛ سألته مما بين
يديه، وإذا علمت أن قلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن؛ سألت الله أن يثبت قلبك على
دينه ... وهكذا.
14- ومن ثمرات
الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ: تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص، ووصفه بصفات
الكمال، فمن علم أن من صفاته (القُدُّوس، السُّبُّوح) ؛ نَزَّه الله من كلِّ عيبٍ
ونقصٍ، وعلم أن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء}
15- ومنها: أن
من علم أن من صفات الله (الحياة، والبقاء) ؛ علم أنه يعبد إلهاً لا يموت، ولا
تأخذه سنة ولا نوم، فأورثه ذلك محبة وتعظيماً وإجلالاً لهذا الرب الذي هذه صفته.
16- ومن ثمرات
الإيمان بصفة (العلو، والفوقية، والاستواء على العرش، والنُّزُول، والقُرب،
والدُّنُو) ؛ أن العبد يعلم أن الله منزه عن الحلول بالمخلوقات، وأنه فوق كل شيء،
مطَّلع على كل شيء، بائن عن خلقه، مستو على عرشه، وهو قريب من عبده بعلمه، فإذا
احتاج العبد إلى ربه؛ وجده قريباً منه، فيدعوه، فيستجيب دعاءه، وينزل إلى السماء
الدنيا في الثلث الآخر من الليل كما يليق به سبحانه، فيقول: من يدعوني فأستجب له،
فيورث ذلك حرصاً عند العبد بتفقد هذه الأوقات التي يخلو فيها مع ربه القريب منه،
فهو سبحانه قريب في علوه، بعيد في دنوه.
17- ومنها أن
الإيمان بصفة (الكلام) وأن القرآن كلام الله يجعل العبد يستشعر وهو يقرأ القرآن
أنه يقرأ كلام الله، فإذا قرأ: {يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ
الْكَرِيمِ} ؛ أحسَّ أن الله يكلمه ويتحدث إليه، فيطير قلبه وجلاً، وأنه إذا آمن
بهذه الصفة، وقرأ في الحديث الصحيح أن الله سيكلمه يوم القيامة، ليس بينه وبينه
ترجمان؛ استحى أن يعصي الله في الدنيا، وأعد لذلك الحساب والسؤال جواباً.
وهكذا؛ فما من
صفة لله تعالى؛ إلا وللإيمان بها ثمرات عظيمة، وآثار كبيرة مترتبة على ذلك
الإيمان؛ فما أعظم نعم الله على أهل السنة والجماعة الذين آمنوا بكل ذلك على الوجه
الذي يليق بالله تعالى!.
الحكم وأقسامه
تعرف الحكم هو إثبات أمر لأمر، أو
نفيه عنه. ومثال ذالك : محمد رسول الله، ومسيلمة ليس برسول. قد حكمنا في المثل
الأول بثبوت الرسالة لسيدنا محمد (ص)، وفي المثال الثاني بسلب الرسالة عن مسيلمة
الكذاب.
وينقسم الحكم إلى ثلاثة أقسام :
أ.
العقلي
: إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه بناء على تفكير دون توقف على شرع، ولا تجربة أو
تكرار. مثاله : الله موجود ، لا اله الا الله.
ب.
الشرعي
: إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه بناء على وحي من الله، مثل : الصلوات الخمسة فريضة
على المكلفين، ولا يجوز شرب الخمر. وفى اصطلاح الأصوليين : هو خطاب الشارع المتعلق
بأفعال المكلفين، طلباً، أو تخييراً، أو وضعاً.[5]
ج.
العادي
: إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه بناء علي تجربة أو تكرار، مثل : الأمطار تكثر
بالشواطئ.
وينقسم الحكم الشرعى الى التكلفي
والوضعى.
أ.
التكلفي
: اثبات أمر لأمر أو نفيه عنه بناء على وحي الله تعالي مثل قوله تعالي : "
أقيموا الصلاة "، "آتوا الزكاة"، " لاتقربوا الزنا ".
فهو الأمور وأمثالها قد خاطبنا الله تعالي بها القرآن الكريم آمرا لنا بها أو
ناهيا لنا عنها.
ب.
الوضعي
: ما اقتضى وضع شيء سببا لشيء أو شرطا له أو مانعا منه.[6]
كسببية دخول الوقت لوجوب الصلاة، وشروطية الطهارة لصحتها، وكنمع الجنون من وجوبها،
والحدث من صحتها. ومن ذالك : الصحة، الفساد، الرخصة، العزيمة.
وينقسم الحكم العادي الى أربعة
أقسام:
أ.
ربط
وجود بوجود : كربط الشبع بالأكل.
ب. وربط عدم بعدم : كربط عدم المطر بعدم السحاب.
ج.
وربط
عدم بوجود : كربط الصحة بوجود ميكروب المرض.
وينقسم الحكم العقلي الي ثلاثة
أقسام :
أ.
الوجوب
: هو الثابت الذى لايقبل الانتفاء لذاته : كثبوت العلم، والقدرة، والمحبة،
والرضا،والوجه، واليدين، ونحوها من الكمالات لله، فانما صفات ثابتة له – تعالى- لا
تقبل الانتفاء.
ب.
الاستحالة
:هو المنفى الذي لا يقبل الثبوت : كشريك الباري ، والجمع بين النقيضين، ورفعهما،
والجمع بين الضدين. وقد يطلق المستحيل علي أمرمعدوم يجوز أنيوجد، لكنه امتنع وجوده
لتعلق علم الله ببقائه على العدم، ويقال له : المستحيل لغيره.
ج.
الجواز
: ويقال له "الممكن" هو ما يقبل الوجود والعدم : كالمخلوقات التى
نشاهدها، فإنها كانت معدومة فقبلت الوجود، ثم بعد وجودها فهي قابلة للعدم. "
وقد يطلق الواجب على الأمر الثابت من حيث تعلق علم الله بثبوته، وإن كان ممكنا في
ذاته". ويسمي الواجب لغيره، كوجود إنسان علي كيفية معينة في عصر معين، فإن
وقوعه علي تلك الصفة في ذالك العصر واجب، باعتبار تعلّق علم الله به كذالك، وإنّ
كان ممكنا في ذاته.
والذى يحتاج اليه من اقسام الحكم
في علم الفقه، وأصوله، وفي الأخلاق، وآدب السلوك.
وأما العادي: فله اتصال وثيق
بالكونيات، وسنن الله فيها، ما يجريه البشر عليها من التجارب، وما يسثفاد منها
بالتكرار.
فى بيان الدور والتسلسل
وبطلانهما.
والدور عبارة عن كون الشيء موجدا
لشيء الأول. وهذا باطل لان مقتضى كون الاول علة للثانى، تقدمه عليه وتأخر الثاني
عنه، ومقتضى كون الثاني علة للأول تقدم الثاني عليه. فينتج كون الشيء الواحد، فى
حالة واحدة، وبالنسبة الي شيء واحد، متقدما وغير متقدم، ومتأخرا وغير متأخر. وهذا
هو الجمع بين النقيضين وبطلانه كارتفاعهما من الضروريات البديهية. فينتج أنّ الدور
وما يستلزمه محال.
ولتوضيح الحال نضرب له المثال:
اذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة، واشترط كل واحد منهما لإمضائها، إمضاء الاخر،
فتكون النتيجة توقف إمضاء كل على إمضاء الاخر. وعند ذالك لن تكون تلك الورقة ممضاة
الى يوم القيامة، لما ذكرنا من المحذور. ومثال آخر : لو أراد رجلان التعاون علي
حمل متاع، غير أن كلا يشترط فى اقدامه على حمله اقدام الآخر. فلن يحمل المتاع الي
مكانه ابداً.
أما التسلسل فهو عبارة عن
اجتماعسلسلة من العلل و المعاليل الممكنة, مرتبة غير متناهية، ويكون الكل متسما
بوصف الامكان بأن يتوقف (أ) على (ب)، ثم (ب) علي (ج)،ثم (ج) علي (د). وهكذا دواليك
تتسلسل العلل و المعاليل من دون أن تنتهي الي نقطة. والبيان علي بطلانه هو بطلان
حوادث لا أول لها. ومن المعلوم أن كل ممكن لا يكون الا حادثا، لان الحادث هو
المسبوق بالغير فيكون لوجوده أول، والممكن لا بد له من علة ومن حق العلة أن تقدم
معلولها، فيكون الممكن مسبوقا بالغير فيكون لوجوده أول فيكون حادثا فيجري فيه
برهان بكلان حوادث لا أول لها، أو نقول جملة الممكنات موجودة فى الحال، ومجموع هذه
العلل ممكن لانه مركب وكل مركب ممكن فيكون
مفتقرا الى أجزائه التى هي غيره.
فهذا الممكن لا بد له علة فإما أن
تكون نفسه أو جزئه أو أمرا خارجا عنه لا جائز أن تكون نفسه للزوم تقدم الشيء علي
نفسه لا جائزة أن تكون جزئه لانه لو كانت جزئه فلزم ان تكون إحدى الممكنات فيكون
الواحد منها علة لنفسه ولكل ما سبق من ممكنات كانت علة له، فيلزم تقدم الشيء على
نفسه وهذا مستحيل وتقدم الشيء على ما هو متقدم عليه وهذا مستحيل، فيلزم أن تكون
علة الممكنات أمر خارج عنها بذالك يبطل التسلسل.

المراجع
:
أ.
الدكتور
مصري المحشر، دراسات في العقيدة الاسلامية (الإلهيات)
ب. صفات الله عز وجل الواردة الواردة في
الكتاب والسنة (معاصر) عند الامام علوي بن عبد القادر
السَّقَّاف/الدرر السنية - دار الهجرة
ج.
عبد
الوهاب خلاف ، علم أصول الفقه،الحرمين : 2004 م
[1] راجع لذلك: ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن
تيمية (6/217 و 233) ، و ((دقائق التفسير)) له (5/225 - 237) و ((شرح الهرَّاس
للقصيدة النونية)) (2/109) ، و ((القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى))
للشيخ محمد بن عثيمين (ص31 -34)
[3] صفات
الله عز وجل الواردة الواردة في الكتاب والسنة (معاصر) عند الامام علوي بن
عبد القادر السَّقَّاف/الدرر السنية - دار الهجرة
[4] صفات
الله عز وجل الواردة الواردة في الكتاب والسنة (معاصر) عند الامام علوي بن
عبد القادر السَّقَّاف/الدرر السنية - دار الهجرة
Tidak ada komentar:
Posting Komentar